
قيادي في كتائب القسام يقف وراء محاولة اغتيال محمد الضيف
كشف النقاب وإماطة اللثام عن وجه "العميل" الذي تسبب في استهداف القائد العسكري لكتائب عز الدين القسام "محمد الضيف" أثناء الحرب العدوانية الأخيرة على قطاع غزة، عندما نفذ الطيران الحربي الصهيوني محاولة اغتيال فاشلة للمطلوب رقم " 1 " على أجندة أجهزة أمن الاحتلال منذ سنوات، حيث تبين عدم وجوده في المنزل المستهدف لحظة تنفيذ عملية الاغتيال التي أدت إلى استشهاد زوجته وطفليها، فيما نجا محمد الضيف من الحادث.
المفاجأة أن أجهزة الاستخبارات الصهيونية تمكنت من الوصول إلى الدائرة الأمنية الأقرب للضيف واختراقها عبر أحد قادة كتائب عز الدين القسام الذي عمل لفترة ضمن الطاقم الأمني الخاص لمحمد الضيف قبل أن يتم تكليفه بقيادة كتيبة الزيتون وهو المدعو "محمود رشدي إشتيوي" شقيق أحد شهداء القسام الأوائل أحمد إشتيوي الذي عمل فبل استشهاده في الوحدة "103" التي أسسها الشهيد صلاح شحادة، كما جنّد العميل إشتيوي مرافقه الشخصي "ن" للعمل مع المخابرات الصهيونية للتغطية على نفسه أكثر حسب التحقيقات الأولية التي أجريت معهما بعد أن تم اعتقالهما الأسبوع الماضي.
لكن استهداف القائد العام لكتائب القسام ووصول أجهزة الأمن الصهيونية إلى تحديد مكان وجوده أثار استغراب واستهجان الشارع الفلسطيني، في نفس الوقت أشعل الضوء الأحمر لدى كتائب عز الدين القسام والجهاز الأمني في حركة حماس، خاصة وأن الدائرة التي على إطلاع بحركة وتنقلات محمد الضيف الحذرة جدا، في غاية المحدودية وأضيق نطاق ممكن.
علما بأن المذكور طيلة الفترة الماضية كان خارج دائرة الشبهات في أوساط حماس السياسية والعسكرية كونه أخ لشهيد وتم قصف بيته في الحرب الأخيرة من قبل طائرات الاحتلال، مع التأكيد أن الكشف عن سقوطه في مستنقع العمالة جاء بمحض الصدفة حيث تبين قيامه ببيع عدة صواريخ من الموجودة بحوزته لسرايا القدس التابعة لحركة الجهاد الإسلامي، كان قد أبلغ قيادة كتائب القسام بأنه قام بإطلاقها باتجاه المستوطنات الصهيونية خلال الحرب الأخيرة ، وتم استدعائه من قبل جهاز الاستخبارات الخاص بكتائب القسام لمراجعته في هذه القضية إلا أنه إنهار في التحقيق وقدم اعترافات وافية عن ارتباطه مع المخابرات الصهيونية، وكانت المفاجأة الكبرى الإدلاء باعتراف خطير ساهم في تفكيك "لغز" محاولة اغتيال محمد الضيف.
الرواية باختصار أن الضيف اتصل هاتفيا على محمود إشتيوي لجلب زوجته وأولاده قائلا له "هات الأهل" وكان يعرف المكان الذي تتواجد به عائلته والمكان المحدد لنقلهم إليه، وتحرك بالفعل إلى هناك وقام بتأمين وصولهم إلى منزل عائلة الدلو، وكان يعتقد بأن الضيف من الطبيعي أن يكون هناك ، لذلك بعد أن غادر المكان بدقائق معدودة قام بإبلاغ ضابط المخابرات الصهيوني المشغل له بما لديه من معلومات، ولم يتأخر طيران الاحتلال الذي نفذ غارة غير مسبوقة على المكان، واستهدف البيت الذي يعود لعائلة "الدلو" المكون من ثلاثة طوابق، بستة صواريخ من طائرة إف 16 المدمرة، وتمت تسويته بالأرض، واستشهد طفل وسيدتان، وشهيد رابع على الفور، تبين لاحقاً أن من بينهم زوجة الضيف "وداد مصطفى حرب ضيف" (28 عاماً)، وأصغر أطفاله؛ الرضيع "علي" الذي يبلغ من العمر سبعة أشهر وابنته "سارة" ثلاثة أعوام، وقد ذكر الإعلام العبري أنه تم استهداف المنزل من ثلاث طائرات بصواريخ (GBU-28) مخترقة للملاجئ، أمريكية الصنع.
الكشف عن العميل محمود اشتيوي الذي يعتبر من الصف القيادي الأول في كتائب عز الدين القسام، ويصنف ضمن الدوائر الموثوقة على كل المستويات مما جعله يحيط بكم هائل من المعلومات السرية والخطيرة بكل ما يتعلق بكتائب عز الدين القسام من حيث التسليح والتخطيط والتصنيع العسكري والاطلاع على شبكات الأنفاق وطرق ووسائل الاتصال الخاصة ومواقع الصواريخ ومخازن السلاح والإمداد العسكري، كل ذلك يجعل حجم الكارثة والضربة الموجعة التي طالت الكتائب تأتي في مقتل، ويبدو هذا جليا في حالة الارتباك الكبير التي سيطرت على القيادة بعد هذا الكشف المذهل والصادم، وما تم اتخاذه من إجراءات تغيير واسعة طالت المستويات القيادية بكتائب عز الدين القسام إلى جانب العمل على نقل وتغيير الأماكن الهامة والحيوية المتعلقة بالعمل العسكري من مخازن السلاح ومرابض الصواريخ وغيرها، ومراجعة كل الخطط العملياتية المعروفة للعميل "محمود إشتيوي" بحكم موقعه في قيادة كتيبة الزيتون التي تعتبر من أهم الكتائب المقاتلة في الذراع العسكري لحماس، والمسؤولة عن قطاع مركزي شرق وجنوب مدينة غزة في محاذاة المنطقة الحدودية.
هذه المفاجأة الخطيرة خلقت حالة من الإرباك والارتباك في قيادة كتائب القسام لدرجة الهوس الأمني حيث قام جهاز الاستخبارات القسامي بحملة تحقيقات واعتقالات واسعة طالت عددا من قادة السرايا في كتائب القسام تركزت في كتيبة الزيتون ولواء شمال غزة وأحدهم تم اختطافه من بيت عزاء والده في جباليا واقتياده للتحقيق على ضوء علاقته مع أحد المشبوهين من عائلة "ع" جباليا البلد.