
الأقصى في خطر حقيقي
جميل السلحوت:
عمليات اقتحام وتدنيس المسجد الأقصى والصلاة فيه من قبل المحتلين الاسرائيليين، تجاوزت كلّ الخطوط الحمراء، وهي لا تقتصر على مجموعات دينية متطرفة مهووسة تدخله تحت حراسة قوى الأمن الاسرائيلية، بل تأخذ طابعا رسميا كمحاولات جسّ لردود الأفعال الفلسطينية والعربية والاسلامية، تمهيدا لهدمه وبناء الهيكل المزعوم مكانه، وقد يكون العام 2020هو الموعد المحدّد لذلك إن لم يكن قبله تبعا للمتغيرات الجارية في الشرق الأوسط، والكلّ يذكر كيف دخل أريئيل شارون الأقصى في أيلول عام 2000 وما تبع ذلك من اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية، وتوالت الأحداث لتناقش بلدية"أورشليم" اعتبار ساحات المسجد الأقصى حدائق عامة، أي استباحتها ممّن هبّ ودبّ، في حين يُمنع فلسطينيو المناطق المحتلة خارج حدود بلدية القدس من دخول المدينة والصلاة في هذا المسجد العظيم، وتتسارع الأحداث ليعلن يوم الأربعاء 4 أيلول-سبتمبر 2013أوري أريئيل وزير الاسكان الاسرائيلي الذي كان من ضمن من اقتحموا الأقصى بمناسبة رأس السّنة العبرية" إنه المكان الأقدس لليهود ويجب أن يكون مفتوحا لكلّ اليهود...الموقع لنا-اليهود- ولا يمكن الجدال أو التفاوض على ذلك" والشرطة الاسرائيلية تؤمن الحراسة للمعتدين، وتعتدي على المصلين المسلمين بالغاز الخانق والرصاص المطاطي والضرب والاعتقال، ومنع الفلسطينيين ممّن هم دون الخمسين من العمر من دخول الأقصى، وتأخذ الأمور أبعادا أكثر خطورة عندما يتبجح مسؤول اسرائيلي كبير "لقد سمحنا للمسلمين بالصلاة في المسجد في شهر رمضان" أيّ أن الدور الآن لليهود بمناسبة احتفالهم برأس السّنة العبرية.
وعمليات اقتحام الأقصى الشريف تأتي مصاحبة لعمليات الحفريات الاسرائيلية المتواصلة تحت أساسات المسجد العظيم ومحيطه منذ وقوع المدينة تحت الاحتلال في حزيران 1967، ولم يتم العثور فيها على أيّ أثر يهودي في المنطقة.
فهل ما يجري في الأقصى تجاوز للخطوط الحمراء أم أن العربان والمتأسلمين الجدد مصابون بعمى الألوان؟
ولسنا هنا في مجال اثبات اسلامية هذا المسجد، فهو جزء من العقيدة الاسلامية كونه أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، ومعراج خاتم النبيين - صلى الله عليه وسلم- وأحد المساجد الثلاثة التي تشدّ اليها الرّحال، فهذه بدهية يعرفها القاصي والدّاني بمن فيهم الاسرائيليون، لكن يبدو أن مفتيي "جهاد النكاح" والمؤمنين بأن الله يُسخّر لهم قوات الناتو والمارينز الأمريكي، لتدمير بلدانهم واحتلال أوطانهم، ويقوم ولاة أمورهم بتمويل ذلك، لا يعرفون أهميّة هذا المسجد، وإن عرفوها فهي لا تعني لهم شيئا، ولا يعلمون أن انتهاك حرمة المسجد الأقصى هي انتهاك لحرمة الكعبة المشرفة في مكة والمسجد النبوي في المدينة، تمام مثلما لم يعلموا أن وقوع القدس الشريف سبيّة يعني أنه لم تعد عصمة لأيّ من عواصم ومدن بلاد العربان.
5-9-2013